کد مطلب:145666 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:142

خطبة فاطمة الصغری فی أهل الکوفة.
و فیه أیضا: عن زید بن موسی بن جعفر، عن أبیه، عن آبائه علیهم السلام قال: خطبت فاطمة الصغری علیهاالسلام بعد أن ردت من كربلاء، فقالت:

الحمد لله عدد الرمل و الحصی، وزنة العرش الی الثری، أحمده و أومن به و أتوكل علیه، و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شریك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلی الله علیه و آله و سلم، و أن جمع الطغاة ذبحوا أولاده بشط الفرات من غیر ذحل و لا تراث.

اللهم انی أعوذ بك أن أفتری علیك الكذب، و أن أقول خلاف ما أنزلت علیه من أخذ العهود لوصیه علی بن أبی طالب علیه السلام، المسلوب حقه، المقتول من غیر ذنب كما قتل ولده بالأمس فی بیت من بیوت الله، و بها معشر مسلمة بألسنتهم.


تعسا لرؤسهم ما دفعت عنه ضیما فی حیاته، و لا عند مماته حتی قبضته الیك محمود النقیبة، طیب الضریبة [1] ، معروف المناقب، مشهور المذاهب لم تأخذه فیك لومة لائم، و لا عذل عاذل، هدیته یا رب للاسلام صغیرا، و حمدت مناقبه كبیرا، و لم یزل ناصحا لك و لرسولك صلوات الله علیه و آله حتی قبضته الیك زاهدا لك فی الدنیا غیر حریص علیها، راغبا فی الاخرة، مجاهدا لك فی سبیلك، رضیته فاخترته و هدیته الی صراط مستقیم.

أما بعد؛ یا أهل الكوفة! یا أهل المكر و الغدر و الخیلاء! [2] ، انا أهل بیت ابتلانا الله تعالی بكم، و ابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسنا، و جعل علمه عندنا و فهمه لدینا، فنحن عیبة علمه، وعاء فهمه، [و نحن تراجمة وحی الله] [3] و حكمته، و حجته فی الأرض فی بلاده [لعباده] .

أكرمنا الله بكرامته، و فضلنا بنبیه صلی الله علیه و آله و سلم علی كثیر من خلقه تفضیلا، فكذبتمونا، و كفرتمونا، و رأیتم قتالنا حلالا، و أموالنا نهبا، كأنا أولاد ترك أو كابل.

[كما] قتلتم جدنا بالأمس، و سیوفكم تقطر من دمائنا أهل البیت لحقد متقدم قرت بذلك عیونكم [و فرحت به قلوبكم] اجتراء منكم علی الله، و مكرا مكرتم، و الله خیر الماكرین.

و لا تدعونكم أنفسكم الی الجذل [4] بما أصبتم من دمائنا، و نالت أیدیكم من


أموالنا، فان ما أصابنا من المصائب الجلیلة، و الرزایا العظیمة (فی كتاب الله من قبل أن نبرأها ان ذلك علی الله یسیر - لكیلا تأسوا علی ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم والله لا یحب كلض مختال فخور) [5] .

تبا لكم! فانتظروا اللعنة و العذاب، فكأن قد حلت بكم، و تواترت من السماء نقمات [6] فیسحتكم بما كسبتم، و یذیق بعضكم بأس بعض، ثم تخلدون فی العذاب الألیم یوم القیامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله علی الظالمین.

ویلكم! أتدرون أیة ید طاعنتنا منكم؟

و أیة نفس نزعت الی قتالنا؟

أم بأیة رجل مشیتم الینا، تبتغون محاربتنا؟

قست قلوبكم، و غلظت أكبادكم، و طبع علی أفئدتكم، و ختم علی سمعكم و بصركم، و سول لكم الشیطان، و أملی لكم، و جعل علی بصركم غشاوة، فأنتم لا تهتدون.

تبا لكم یا أهل الكوفة! كم تراث لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قبلكم؟ و ذحول له لدیكم؟ ثم غدرتم بأخیه علی بن أبی طالب علیه السلام جدی و بینه عترة النبی الطاهرین الأخیار، فافتخر بذلك مفتخر فقال:



قد [7] قتلنا علیا و بنی علی

بسیوف هندیة و رماح



و سبینا نساءهم سبی ترك

و نطحناهم [8] أی نطاح




فقالت: بفیك أیها القائل! الكثكث [9] ، و لك الأثلب [10] أفتخرت بقتل قوم زكاهم الله، و طهرهم و أذهب عنهم الرجس، فاكظم واقع كما أقعی أبوك، و انما لك امرء ما قدمت یداه، حسدتمونا، ویلالكم علی ما فضلنا الله تعالی.



فما ذنبنا ان جاش دهرا بحورنا

و بحرك ساج لایواری الدعامصا [11] .



(ذلك فضل الله یؤتیه من یشاء) [12] (و من لم یجعل الله له نورا فماله من نور) [13] .

قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء، و قالوا: حسبك یا بنت الطیبین! فقد أحرقت قلوبنا، و أنضجت نحورها، و أضرمت أجوافنا، فسكتت، علیها و علی أبیها وجدها الصلاة و السلام [14] .


[1] في البحار: العريكة.

[2] الخيلاء - بالضم و الكسر -: الكبر، «منه رحمه الله».

[3] ليس في المصدر و البحار.

[4] الجذل: الفرح.

[5] الحديد: 22 و 23.

[6] نقمات - ككلمات - جمع نقمة - بالكسر و الفتح: و هي المكانات بالعقوبة، «منه رحمه الله».

[7] في المصدر و البحار: نحن.

[8] نطحه: أصابه بقرنه، «منه رحمه الله».

[9] الكثكت - كجعفر و زبرج -: التراب... «منه رحمه الله».

[10] الأثلب، و يكسر: التراب و الحجارة، «منه رحمه الله».

[11] الدعامص - جمع دعموص -: و هو دويبة صغيرة تكون في مستنقع الماء، و البيت للأعنشي.

[12] الجمعة: 4.

[13] النور: 40.

[14] الاحتجاج: 29 - 27 / 2، البحار: 112 - 110 / 45، مع اختلاف يسير.